سيد ولد الشيخ عبد الله

معالم من سيرة رجل فيافي، تحول إلى دمية مرشح

ولد سيد ولد الشيخ عبد الله سنة 1934 في ألاك من أسرة يقال إنها صوفية، معروفة، حسب ما عرف في ولاية البراكنه، بالاحتيال في معاملاتها القبلية و الاجتماعية و الاقتصادية.

تابع سيد دراسته الابتدائية في ألاك حيث عرف في أوساط التلاميذ بصعوبة الفهم و العجز عن المشاركة في النشاطات التجمعية و بميوله الحاد للوشاية. و بعد دراسة ثانوية في روصو سافر سيد إلى داكار سنة 1955 حيث سجل في السنة الأولى من التعليم الجامعي شعبة الاقتصاد و بقي أربعة سنوات دون النجاح في أي امتحان.

و تحت تأثير خيبة الأمل و الملل من الرسوب المتكرر غادر سيد داكار متوجها إلى فرنسا سنة 1959 حيث سجل مرة أخرى في السنة الأولى من التعليم الجامعي شعبة الاقتصاد و ظل في فرنسا حتى حصوله على شهادة "الليصانص" في علم الاقتصاد (3 سنوات بعد الباكالوريا).

بعد ثلاثة سنوات من عودته إلى نواكشوط سنة 1967، في بحث الرئيس المختار ولد داداه الدائم عن حملة شهادات موريتانيين، التقى سيد بالرئيس المختار الذي لم يفوت فرصة ضرب عصفورين بحجر واحد فقد اعتبر أنه حصل على موريتاني يحمل شهادة جامعية – حتى و لو كانت مجرد ليصانص ب 12 سنة من العمل الشاق – من ناحية و، من ناحية أخرى، إمكانية إدخال نوع من التوازن الجهوي في توزيع المناصب الحكومية؛ فعينه مباشرة وزيرا للصناعة.

خلال الفترة التي قضاها وزيرا للصناعة، التقى سيد ذات ليلة ختو منت البخاري في إحدى أزقة "مدينة البوش" حيث كانت هي و أخواتها يمارسن أقدم مهنة في تاريخ البشرية كما هي العادة في هذا الحي "المحترم" – الذي يحمل اسم مدينة البوش لكثرة زجاجات اللبن الفارغة في أزقته و المتولدة عن الكم الهائل من زجاجات اللبن التي يشتريها ليلا رواد الحي من الرجال للنساء العارضات أنفسهن فيه – حيث كانت تتردد ليلا في كل الأزقة عبارة "إلاه بـــــاش نشر بوش" التي تحل محل نصب راية حمراء.

إحدى هذه الأخوات ستشغل بعد ذلك بفترة طويلة منصب "عشيقة" من سيكون لاحقا العقيد ولد عبد العزيز. لكن هذه قصة أخرى لسنا بصدد التعمق فيها اليوم.

لنعد لختو التي، بلقائها سيد، اعتبرت نفسها قد حققت اكتشاف حياتها بمقابلة وزير يظهر مميزات جد مربحة في نظرها (وزير بشخصية لا منتهية الضعف و يسهل التحكم فيه) فبادرت بدفعه، مدعية حملا كاذبا، للزواج بها فتزوج بها سيد مباشرة رغم أنها كانت ولا تزال تربطها علاقة حميمة بعبد الرحمن ولد مولود ولد داداه.

بعد ذلك بسنوات عين الرئيس المختار سيد وزيرا للاقتصاد ثم وزيرا للصيد حيث ظل إلى حين علم الرئيس المختار برشوة مالية بالعملة الصعبة دفعها ملاك سفن لختو منت البخاري. بعد أن قرر المختار إيداع سيد السجن تراجع عن قراره مباشرة مستجيبا لضغوط مارسها عليه أعضاء من حكومته و بعض مسني القبائل و استسلم لطلباتهم و أغمض عينه على الفضيحة و عين سيد من جديد وزيرا للتنمية الريفية حيث بقي إلى حين انقلب العسكريون على المختار في شهر يوليو من سنة 1978.

طيلة مسيرته المهنية في أول حكومة موريتانية مدنية، أظهر سيد، بالإجماع، مميزات رجل بلا كيان، يصعب عليه الفهم، عاجز عن اتخاذ القرارات و تتحكم فيه كليا عاهرة شوارع متمرسة.

بعد وصول معاوية إلى الحكم، عين مرة أخرى سيد وزيرا للصيد حيث ظل لمدة أشهر إلى حين علم ولد الطايع برشوة مالية بالعملة الصعبة دفعها، مرة أخرى، ملاك سفن لختو منت البخاري في مدينة لاس بالماس (جزر كاناريا) في إطار عملية تلصص راحت ضحيتها مصالح استراتيجية لموريتانيا، شارك فيها سيد ولد الشيخ عبد الله (وزير الصيد) و محمد سالم ولد لكحل (وزير المالية) و ديينغ بوبو فاربا (محافظ البنك المركزي) و احميده ولد بشرايه (رجل أعمال مالك سفن توفي منذ سنوات).

انفجر ولد الطايع غضبا و أودع سيد السجن لأن أصل عملية التلصص نابع من وزارة الصيد ولأن ختو، حسب مخابرات الدولة، وقعته عند سيد لحساب احميده الذي تكلف شخصيا بولد لكحل و بوبو فاربا. و بقي سيد في السجن عدة أشهر إلى أن أخرجه ولد الطايع بعد تدخلات عديدة شملت شخصيات دينية من السينغال.

بعد خروجه من السجن سافر سيد إلى الخليج حيث بقي لعدة سنوات دون أن يتمكن من تحقيق أي إنجاز مهني ثم سافر إلى النيجر حيث عمل بيدق خبير فني ضمن برنامج دعم للنيجر المسكين، لم يتجاوز دوره دور قطعة أثاث مكتبي. و بقي سيد في النيجر لمدة تزيد على عقد من الزمن.

و اليوم يحاول بعض ضباطنا في المجلس العسكري إرغامنا على قبول نفس سيد ولد الشيخ عبد الله، رجل الفيافي، رئيسا لبلدنا فقط بسبب قرابة غير محققة بين قياديين منهم وبين ساقطة تحولت إلى ربة أسرة بعد أن اعتادت ليلا اقتسام وحدة هؤلاء القياديين في ثكناتنا المتواضعة خلال السبعينيات.